• !
بقلم/ أ. طارق بكر قزاز:

تحقيق حاجات الطلاب في التربية الفنية:

تحقيق حاجات الطلاب في التربية الفنية:

بقلم/ أ. طارق بكر قزاز:

لا تتعدى حاجات الطلاب في التربية الفنية في مراحل التعليم العام من وجهة نظر الكاتب الخاصة، أكثر من ثلاثة نقاط هي:

1- أن يصبح الطالب قادرا على تذوق الأعمال الفنية.
2- أن يكتسب الطالب معارف ومهارات متنوعة حول إنتاج الأعمال الفنية.
3- أن يطور الطالب قدراته في التعبير والابتكار من خلال الأعمال الفنية التي ينتجها.

إننا غير مطالبين عند تدريس التربية الفنية أن نجعل من الطلاب فنانين محترفين، وكما هو الحال في تعليم الأدب العربي فإننا لن نكون قادرين على تكوين شعراء من مجرد تعليم الشعر، كذلك في التربية الفنية فإننا لن نكون قادرين من تكوين فنانين، من مجرد تعليم إنتاج الأعمال الفنية، ولكن إذا أمكننا أن نعلم الطلاب الطرق الصحيحة لنظم الشعر، فإنه يمكننا من خلال التربية الفنية تعليم الطلاب الطرق الصحيحة لإنتاج الأعمال الفنية.

ففي تعليم الشعر يتم نصح الطالب بقراءة الكثير من إبداعات الشعراء حتى تنموا ذائقته الشعرية، وكذلك الحال في التربية الفنية، إذ يمكن تنمية ذائقة الطالب برؤية كمية كبيرة، ومتنوعة من الأعمال الفنية من مختلف العصور والمدارس الفنية، وكما في تعليم الشعر فإن على الطلاب أن يتعلموا بحور الشعر وأسس بناء القصيدة الشعرية للتعبير عن معاناة شاعرية، فإنه يمكن من خلال تدريس التربية الفنية تعليم الطلاب التقنيات الفنية والكيفية التي يتم بها استخدام عناصر وأسس التصميم الجمالية في بناء العمل الفني للتعبير عن الرؤية الشخصية والخيال والاستلهام من البيئة والطبيعة، وتذوق الجمال في كل ما هو جميل.

إلا أن الموهبة والقدرة على الابتكار هي ما يميز بين الطلاب بمختلف مستوياتهم، وكما تلعب الموهبة الذاتية في الشعر في تمييز من لديه موهبة الابتكار الشعري ممن يمارس النظم، كذلك سيظهر من خلال التربية الفنية من لديه الموهبة الفنية والقدرة على الابتكار ممن تنمو لديه الخبرات الفنية دون بروز الموهبة والابتكار.

وسيجد معلم التربية الفنية أن هناك اختلافات بين مجموعات كبيرة من الطلاب، في المهارات والقدرات، والاهتمامات، وذلك لأن النمو عند هؤلاء الطلاب يتطور بمعدلات مختلفة وبنسب متفاوتة، ومن الضروري للمعلم (من خلال التربية الفنية) أن يتبني أساليب توجيه متعددة لتتلاءم مع احتياجات الطلاب، في تحقيق النمو المعرفي في ميادين التربية الفنية، وتعلم مهارات الإنتاج الفني في المجالات الفنية المتنوعة.

الإلمام بمراحل تطور النمو الفني عند الطلاب:

إن من أبرز الأهداف في التربية الفنية، هو تنمية قدرات الطلاب على ابتكار أعمال فنية أصيلة ومعبرة، لتظهر من خلالها مستويات تطور الطلاب العقلية والعاطفية والاجتماعية والنفسية... ولذلك كان لمنح الطلاب هذه الفرصة للتعبير والابتكار أثره في أن يتمكن المعلم من وضع الخطط والتوقعات التي ستساعده على تنمية قدرات الطلاب الفنية، وعندما يتمكن المعلم من فهم مستويات طلابه الفنية ويصبح قادرا على الإلمام التام بطبيعة النمو الفني لطلابه بشكل شامل، خاصة في البيئة التي يقوم بالتدريس فيها، فإنه سوف، يكون قادرا على تحقيق حاجات الطلاب.

ومن خلال تفهم معلم التربية الفنية لمراحل تطور النمو الفني عند الطلاب، يمكنه وضع تصور للكيفية التي يجب أن يعمل من خلالها على تطوير مهارات الطلاب، حيث أن الطالب لا يصل إلى تلك المراحل من التطور الفني إلا من خلال التدرج في التوجيهات بما يتلاءم مع قدراته العقلية والجسمية والنفسية التي تدفعه إلى تعلم المهارات الفنية وتنمي اهتماماته بمجالات الممارسة الفنية. وقد عم فهم خاطئ عند الكثير من معلمي التربية الفنية بأن هذه المراحل يجب أن تظهر بشكل تلقائي عند الطالب، وغاب عن الكثيرين منهم أن هذا التطور في مراحل النمو يلزمه تقديم توجيهات سليمة من خلال المراحل السابقة حتى يتحقق التطور الفني المأمول في المراحل المتقدمة من مراحل تطور النمو الفني.

المرحلة الأولى (ما قبل المدرسة): وفي هذه المرحلة يجب أن يعمل المعلم على تقديم توجيهات فنية ملائمة لسن الطلاب حتى يكونوا قادرين على رسم رموز لعناصر بصرية من الطبيعة مثل الأشجار والبيوت والناس والحيوانات، وسيتمكن الطالب في هذه المرحلة من رسم تلك العناصر في هيئة مسطحة، ولن يكون هناك مراعاة للنسبة حيث يجعل الطالب أحجام الرموز التي تمثل أهمية لديه في تجربته الشخصية في الرسم أكبر حجماً من نسبتها الطبيعية للأشياء الأخرى، ويكون قادرا على تصوير الحركة إذا أعطي التوجيهات المناسبة، ويمكنه التلوين ولكن بواسطة الخربشات، ويمكن للطالب في هذه المرحلة إنتاج أعمال الأشغال الفنية المجسمة ثلاثية الأبعاد ولكن بإشراف وتوجيه المعلم، وتدريب الطالب على الاستخدام السليم للأدوات البسيطة المناسبة للخامات المستعملة، وينعكس ذلك على تنمية القدرات النفس حركية عند الطلاب.

المرحلة الثانية (من الصف الأول إلى الصف الثالث الابتدائي): وفي هذه المرحلة يمكن للمعلم تقديم مدى أوسع من التوجيهات من أجل أن يدرك الطالب بعض عناصر وأسس التصميم بشكل مبسط، لرسم أشياء يعرفها من الذاكرة ومن الخيال، مع تعريفه بأهمية رسم خط الأرض والحدود الخارجية للأشكال التي يقوم برسمها، مع تدريب الطالب على مهارات خلط الألوان، ومراعاة النسب في الرسم عند رسم الأشياء القريبة والبعيدة والنسب الصحيحة بين الأشياء الكبيرة والصغيرة، وتقديم توجيهات أكثر للطالب عند إنتاج أعمال الأشغال الفنية ثنائية وثلاثية الأبعاد ليتمكن الطالب من تطوير قدراته في تطبيق مهارات ومفاهيم التصميم.

المرحلة الثالثة (من الصف الرابع إلى الصف السادس الابتدائي): وفي هذه المرحلة يمكن للمعلم البدء في تقديم توجيهات حول التكوين وعناصر وأسس التصميم تحث الطالب على رسم العناصر في الفراغ والتدريب على رسم المنظور الخطي، ولفت الانتباه إلى مراعاة النسبة والتناسب والمنطق في رؤية الأشياء عند رسمها، مع الاهتمام بالملامس والحركة، وفي هذه المرحلة يزيد عند الطالب الاهتمام بأعمال الأشغال الفنية ثنائية وثلاثية الأبعاد، ويحب تجربة العمل بالأدوات والخامات الجديدة لمحاولة ابتكار أعمال فريدة وأصيلة.

المرحلة الرابعة (من الصف الأول المتوسط إلى الصف الثالث المتوسط): في هذه المرحلة يمكن للمعلم لفت انتباه الطلاب إلى ملاحظة الصور في الطبيعة والبيئة المحيطة، وتعليمهم أساليب استدعاء الصور من الذاكرة وتصورات الفراغ والكتلة والمنظور بالنسب الهندسية الصحيحة، ويمكن تقديم توجيهات للطالب لتصوير الحركة وزوايا الرؤية المختلفة، وإعطاء الفرصة للطالب للتعبير من خلال رؤيته الخاصة، وابتكار تنظيمات هندسية ورسم الزخرفة الهندسية والنباتية، مع تقديم مهارات متنوعة في مجالات أعمال الأشغال الفنية المتنوعة، وتوجيه الطالب إلى تعلم المزيد من مهارات التصميم للاستفادة منها في التعبير والابتكار الفني.

ولا يخفى على المعلم الحاذق أن هناك تفاوتا بين الطلاب من ناحية تحقيق تقدم في مراحل النمو الفني، نتيجة لاختلاف التنشئة والبيئة ومؤثرات النمو التي تتفاوت بين الطلاب. وكذلك في الاستجابة للأعمال الفنية، ففي كل مرحلة قد يجد المعلم بعض الطلاب من الذين يوجد لديهم قدرة على التفاعل مع الأعمال الفنية والتجاوب معها ولكن مع ضعف القدرة على إتقان بعض المهارات اليدوية، أو العكس، ولذلك يجب أن يقدم المعلم الدعم للطلاب لتأكيد قدراتهم والعمل على تحسين مواطن الضعف في التجربة الفنية.

وعلى المعلم مراعاة أنماط الطلاب التي تؤكد أن كل طالب حالة فريدة بذاته وأنه على المعلم تكييف أساليب وطرق تدريسية تتلاءم مع الاختلافات التي قد يواجهها في أنماط الطلاب، ويمكن تحديد ثلاثة أساليب للتعامل مع تلك الأنماط:

أ- استخدام أساليب التواصل اللفظي وغير اللفظي لتوصيل الأفكار إلى أكبر مجموعة من أنماط الطلاب.
ب- تقديم أمثلة قوية على الأفكار المجردة لتصبح أوضح بالنسبة للطلاب غير القادرين على التعامل مع الأفكار المجردة.
ج- تمكين الطلاب من استخدام حواسهم لتتكامل التجربة الحسية وتوضيح المفاهيم بشكل حيوي وفعال بالنسبة للطلاب الحسيين.
 0  0  4.4K
التعليقات ( 0 )
أكثر
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 08:29 صباحاً الجمعة 29 مارس 2024.
Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

RESHTI.COM 18/05/2007 - 2023 للتواصل : 00966560077773 / reshti@reshti.com